جيوش من الوسطاء والدبلوماسيين والسياسيين، خاصة من الولايات المتحدة
الأمريكية وأوروبا،
يسافرون منذ سنوات إلى الشرق الأوسط محاولين التوسط بين
الإسرائيليين والفلسطينيين، غير أن كل
ذلك ذهب أدراج الرياح، بل إن الوضع
يبدو الآن أسوأ من أي وقت مضى. هناك بالطبع الأخطار العديدة
التي تواجهها
إسرائيل من جانب حماس وحزب الله والنظام الإيراني الذي يهدد بإبادتها، كما
أن ذكرى
المحرقة ما زالت ماثلة في أذهان الجميع. ولكن، ألا يريد
الإسرائيليون التوصل إلى حل سلمي للصراع؟ هل تخشى إسرائيل السلام؟
نعم، يقول المؤرخ الإسرائيلي موشيه تسيمرمان في كتابه الجديد
الصادر بعنوان "الخوف من السلام – المأزق الإسرائيلي". "الناس يخشون
أخطاراً في حالة السلام أكثر من حالة الحرب"، يقول تسيمرمان
في الحوار الذي
خص به "دويتشه فيله"، ويضيف "خلال الحرب يعرف الناس بالتقريب ماذا
ينتظرهم، ولكن الوضع مختلف في حالة السلام. ولذلك يميل العديد منهم إلى
الشعور بالخوف من السلام."
السيطرة على الأغلبية
يخشى عديد من
الإسرائيليين أن تكمن وراء السلام مناورات وحيل، كما أن الاستعداد لتقديم
تنازلات يُنظر
إليه على أنه ضعف. حسب هذه النظرة فإن السلام لا يمكن التوصل
إليه إلا من خلال ردع الأعداء
وتحجيمِهم، مثلما يرى تسيمرمان: "كثير من
الإسرائيليين يرون أن السلام لا يمكن أن يتحقق إلا إذا
عاش الفلسطينيون تحت
السيطرة الإسرائيلية." صحيح أن هذا ما تفكر فيه أقلية ضئيلة في إسرائيل،
غير أن هذه الأقلية تنجح في إشاعة الخوف وبالتالي فهي تسيطر على الأغلبية:
"بالطبع تريد الأغلبية أن
تحيا في سلام ورفاهية، ولكن هناك أقلية في
المجتمع الإسرائيلي لها مصالحها التي تتعارض مع السلام."
وكمثال على تلك الأقلية يذكر المؤلف المستوطنين والجيش، وهؤلاء
يؤثرون على الأغلبية في المجتمع
الإسرائيلي، لأن الأغلبية في كل مكان في
العالم تنزع في الغالب إلى الخمول والكسل، يقول تسيمرمان: "عندما نؤكد أننا
معرضون دائماً إلى الخطر، وأننا كنا دوماً ضحايا، وأننا لا نريد أن يتكرر
ذلك أبداً وأن العرب هم أعداؤنا، وأن هدف الفلسطينيين إبادة إسرائيل، عندئذ
تكون حجج اليسار غير مقنعة، وهي أن بإمكان المرء أن يفكر في بدائل."
الخروج من المأزق
ويرى تسيمرمان أن
الخروج من هذا المأزق يستلزم التخلص من عقلية الخوف والردع. هذا التحول في
التفكير شهده المجتمع الإسرائيلي في عام 1993 عندما أبدى استعداده فجأة
لإجراء مفاوضات مع
الفلسطينيين في أوسلو والتغلب على الخوف والأحكام
المسبقة. غير أن ذلك انتهى على شكل فجائي
باغتيال إسحق رابين في عام 1995.
ولكن كيف يمكن الوصول إلى تحول جديد في تفكير المجتمع
الإسرائيلي؟ هذا ما
لا يجيب عنه تسيمرمان في كتابه، كما أنه لا يتعرض إلى الفلسطينيين بكلمة.
آراء
تسيمرمان محاولة من محاولات عديدة لتفسير الوضع الحالي في الشرق
الأوسط – غير أن محاولته هذه
أثارت انتقادات عديدة في وطنه حيث وُصف بأنه
يسيء إلى وطنه وأنه ينشر نظريات معادية لإسرائيل.
تسيمرمان يرد على هذه
الانتقادات بقوله: "أعداء إسرائيل الحقيقيون يجلسون في الحكومة، إنهم
يمارسون سياسة معادية لإسرائيل لأنها تؤدي إلى عزل إسرائيل، وإلى إعاقة
السلام وفي النهاية نعيش في مواجهة الكارثة."